الانتقال الطاقوي في الجزائر
عِبر، تشخيص الوضعية الحالية، و الافاق من اجل تنمية متسارعة للطاقات المتجددة.
كلمة الوزير الأول في تقرير المحافظة للطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية الخاص بالانتقال الطاقوي في الجزائر
كلمة الوزير الأول ، السيد عبد العزيز جراد، في تقرير المحافظة للطاقات المتجددة و الفعالية الطاقوية الخاص بالانتقال الطاقوي في الجزائر-2020-
“تبعًا للتحولات العميقة التي ميّزت الحياة السياسية في البلاد منذ 22 فبراير 2019، يتم الآن الـمضي في مسار يبعث على الأمل طبقًا للتطلّعات الـمشروعة لجميع الـمواطنين بهدف بناء جزائر جديدة وعصرية ومزدهرة. وإن خارطة الطريق الأولى في هذا الإطار قد أُعدّت بحق على أساس الالتزامات الـ54 للسيد رئيس الجمهورية، التي صادق عليها الشعب خلال انتخابات 12 ديسمبر 2019.
وبهذا الـمنظور، فإن مخطط عمل الحكومة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية قد وضع على الفور الانتقال الطاقوي في صميم سياسات تنمية البلاد، طبقًا لثلاثية “التجديد الاقتصادي القائم على الأمن الغذائي والانتقال الطاقوي والاقتصاد الرقمي “.
بالفعل، وانطلاقًا من الوضع الاقتصادي للبلاد، الذي كان حتى الآن قائمًا على مورد غير مُتجدد وخاضع بشكل كبير للتقلبات التي يفرضها العالم الخارجي، فإن كل برنامج يهدف إلى تخطي مثل هذا الوضع قد يفرض حتمًا القيام بإصلاح شامل لسياستنا الطاقوية.
ووعيًا منا بأن كل انتقال طاقوي شامل سيهدف قبل كل شيء إلى بناء جزائر الغد، إلا أنه يجب رغم ذلك أن يُستغل اعتبارًا من اليوم كمُحفز لانطلاقة حقيقية للتنمية الـمستمرة والـمستدامة للأمة في جميع الـمجالات ذات الصلة.
أن هذا الطريق يقوم خصوصا على عاملين هامين، وهما الطموح إلى الارتقاء ببلاد نا الى مستوى متميز في عالم الغد، وذلك طبقًا للرؤية الشاملة لرئيس الجمهورية، الـمستوحاة من تطلعات الـمواطنين بالنظر إلى الإمكانات الكبيرة الـتي تتوفر عليها البلاد.
وبهذا الصدّد، لا مجال للشك في أن الجزائر، التي تزخر بمصادر هامة من الـموارد الـمتجددة، وبالأخص الطاقة الشمسية، التي تعتبر من بين الأهم في العالم، لديها أيضًا نطاق إقليمي يسمح لها بالاستفادة الكاملة من سياسة طاقوية متجّهة نحو الـمستقبل.
ومع ذلك، فإن هذه الامتيازات في حد ذاتها هي أبعد من أن تكون كافية ما لم نتحرر من طوق التبعية الـمزمنة إلى الخارج، من حيث التحكم الحقيقي في الـمعرفة العالـمية وتطبيقها في الـميدان، واستيعاب الـمفاهيم التقنية الـمبتكرة النابعة عنها، وأخيرًا، إحراز أشواط التقدّم التنظيمي المرافق لها.
وبهذا الشأن، فإن الحكومة عازمة على تسخير كل الإمكانات الـمتاحة من أجل إرساء نموذج طاقوي مستدام، حيث تكون الفعالية ميزته الأساسية.
ومن هذا الـمنطلق، سيتم تشجيع كل عمل يسمح بتحسين الاستهلاك الداخلي للطاقة بشكل أمثل وكذا أي عمل من شأنه أن يساهم في الحفاظ على احتياطاتنا من الـمحروقات لـمدة أطول من خلال تنويع وسائل إنتاج الطاقة البديلة، لاسيما على أساس الـموارد الـمتجدّدة.
ولا شك أن الاقتصاد في حجم الغاز والبترول يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة، من خلال التوسيع الفعلي للنشاطات البتروكميائية المحلية التي ستجد منتوجاتها الـمصنعة منافذ لتصريفها على مستوى السوق الدولية التي أصبحت تتسم بتقلبات شديدة فيما يخص خام الـموارد الطاقوية الأولية.
أن هذا التحول من شأنه، فضلاً عن تنمية الطاقات الـمتجدّدة، ولاسيما الطاقة الشمسية، أن يسمح بضمان للبلاد مداخيل أكثر استقرارًا تمكنها العمل بكل أمان على تجسيد سياستها التنموية، بعيدًا عن بعض الاضطرابات الخارجية الـمحتملة.
وكنتيجة طبيعية للحركية الـمعتزم اعتمادها، سيتم تشجيع نشاطات صناعية مرتبطة بقطاع الطاقة ومكيفة على صعيد الـمؤسسات والصناعات الصغيرة والـمتوسطة الكفيلة باستحداث مناصب شغل وخلق ثروات محلية، في إطار مخطط مدروس مسبقًا ويرمي إلى الحدّ من الفوارق الجهوية. فضلاً عن ذلك، فإن البعض منها مبرمجة لنشرها على عجل من أجل مرافقة تنفيذ بعض التدابير الـمتخذة مؤخرًا تحسبًا لتوسيع مفهوم الفعالية الطاقوية بشكل فعلي.
وهكذا، ينتظر اقتصاد كميات معتبرة من حجم الاستهلاك الداخلي للطاقة، على الـمدى القصير، في مجال النقل، لاسيما من خلال تحفيز الـمواطنين على الـمزيد من اللجوء إلى استعمال غاز البترول الـمميع كوقود والغاز الطبيعي الـمضغوط، وفي مجالات السكن والصناعة والإنارة العمومية والـموارد الـمائية والفلاحة.
علاوةً على ذلك، تلتزم الحكومة، من الآن، بإرساء أسس انتقال طاقوي مكيف مع الخصوصيات الوطنية وتُسخر له كل قدرات البلاد التي يمكن أن تؤدي إلى التجسيد الفعلي للأهداف الـمسطرة دون إغفال اعتماد آليات التقييم الـمستمر والدقيق للتقدّم الـمحرز.
وستولى الحكومة أهمية بالغة للتكوين وتأهيل الـموارد البشرية، والبحث والابتكار من أجل ضمان بروز نخبة قادرة على رفع التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية والتكنولوجية الـمرتبطة بالانتقال الطاقوي.
كما ستسهر الحكومة على توفير نظام بيئي ملائم لتحسين فعلي للإطاريْن التنظيمي والتشريعي اللذيْن يحكمان مجمل النشاطات الطاقوية في البلاد، لاسيما تلك الرامية إلى استقطاب وتنويع الاستثمارات وفق حوكمة لا يعتريها أي عمل قد يعيق تنمية هذا الـمجال في كنف الطمأنينة.
وفي الختام، فإن الحكومة عازمة على الـمُضي قُدُمًا في تحقيق كل الوعود الـملتزم بها أمام الـمواطنات والـمواطنين في البلاد، من خلال السهر على تجسيد التحولات الهيكلية اللازمة بشأن الـمحيط الاجتماعي و الاقتصادي القائم، ومن ثمة، إزالة جميع العراقيل وغيرها من السلوكيات البيروقراطية السائدة إلى حدّ الساعة.
كما تلتزم بالعمل، دون تأخير، على تقديم كل أشكال الدعم الـمالي الضروري بهدف التعجيل بنشر الطاقات الـمتجدّدة وتنويع استعمالها فـي جميع قطاعات النشاط الكفيلة بخلق ثروات واستحداث مناصب شغل دائمة”.
عبد العزيز جراد, الوزير الأول
نوفمبر 2020